شاهدوا بالصور.. أجمل 9 أقواس قزح في أمريكا!


شاهدوا بالصور.. أجمل 9 أقواس قزح في أمريكا! 


يعتبر قوس قزح ظاهرة طبيعية فيزيائية ناتجة عن انكسار وتحلل ضوء الشمس خلال قطرة ماء المطر، ويظهر القوس بعد سقوط المطر أو خلال سقوط المطر والشمس مشرقة.

تكون الألوان في القوس اللون الأحمر من الخارج ويتدرج إلى البرتقالي فالأصفر فالأخضر فالأزرق فأزرق غامق (نيلي) فبنفسجي من الداخل، ويحتوي ضوء الشمس على العديد من الالوان الطيفية وهي عبارة عن أشعة ذات اطوال موجية مختلفة.

يظهر قوس القزح عادة بشكل نصف دائري وفي حالات نادرة يكون قمرياً حيث يكون انكسار ضوء القمر المسبب لهُ عبر قطرة الماء ملائماً مع مكان وجود القمر في تلك اللحظات.

ويظهر للمشاهد نتيجة لضوئهِ الخافت أبيض لأن العين البشرية لا تستطيع ان ترى الألوان في الليل.







شاهدوا بالصور.. أجمل 9 أقواس قزح في أمريكا!
شاهدوا بالصور.. أجمل 9 أقواس قزح في أمريكا!
شاهدوا بالصور.. أجمل 9 أقواس قزح في أمريكا!

شاهدوا بالصور.. أجمل 9 أقواس قزح في أمريكا!
شاهدوا بالصور.. أجمل 9 أقواس قزح في أمريكا!
شاهدوا بالصور.. أجمل 9 أقواس قزح في أمريكا!
شاهدوا بالصور.. أجمل 9 أقواس قزح في أمريكا!

تصميم جزيرة عائمة فقط بـ 3 مليون جنيه إسترليني...صور

تصميم جزيرة عائمة فقط بـ 3 مليون جنيه إسترليني...

جزيرة,عائمة,احلى,الاخبار,عجائب,غراب,بحر,بحيرة,نهر
جزيرة,عائمة,احلى,الاخبار,عجائب,غراب,بحر,بحيرة,نهر
جزيرة,عائمة,احلى,الاخبار,عجائب,غراب,بحر,بحيرة,نهر

احلى الاخبار : تصميم جزيرة مائية عائمة ... لأصحاب الملايين بـ 3 مليون جنية
إسترليني فقط لاغير 















جزيرة,عائمة,احلى,الاخبار,عجائب,غراب,بحر,بحيرة,نهر
جزيرة,عائمة,احلى,الاخبار,عجائب,غراب,بحر,بحيرة,نهر
جزيرة,عائمة,احلى,الاخبار,عجائب,غراب,بحر,بحيرة,نهر
جزيرة,عائمة,احلى,الاخبار,عجائب,غراب,بحر,بحيرة,نهر
جزيرة,عائمة,احلى,الاخبار,عجائب,غراب,بحر,بحيرة,نهر

"احمق" يشعل النار بنفسه وسيارته اثناء تعبئة البنزين..فيديو


"احمق" يشعل النار بنفسه وسيارته اثناء تعبئة البنزين..فيديو




احلى الاخبار  : كشف فيديو عن قيام شاب "أحمق" بإشعال حريق في نفسه وسيارته داخل محطة وقود بمدينة "ملبورن" الأسترالية، عندما أشعل قداحة سجائر أثناء تموين سيارته.

 

وقالت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية اليوم الثلاثاء، إن الفيديو التقطته كاميرا الدائرة التلفزيونية، في محطة وقود بضاحية "توماس تاون" بمدينة "ملبورن" الأسترالية.
وبحسب "سبق" في الفيديو الذي تم بثه على موقع "يو تيوب" يظهر شاباً وهو ينتظر حتى يتم تموين سيارته بالوقود، وفي أثناء ذلك فتح الشاب باب السيارة، وجلب قداحة السجائر، وما إن قام بإشعالها حتى التقط الوقود اللهب ليحيط الشاب بحائط من النيران يمتد من مضخة الوقود إلى السيارة.
وبسرعة قفز الشاب المذهول فوق السيارة، وفر هارباً تاركاً النار مشتعلة، وهو ما كان ينذر بكارثة، لولا تدخل عامل المحطة الذكي الشجاع، زايني، الذي ظهر فجأة في الفيديو، وبسرعة جلب دلو ماء وألقاه على النار فاطفأها.




طفل واحد بستة قلوب منفصلة..سبحان الله الخالق


طفل واحد بستة قلوب منفصلة..سبحان الله الخالق 

احلى الاخبار  : نجا طفل وُلد مع ستة قلوب منفصلة بالرغم من تشخيص الأطباء السلبي. وكان تم اكتشاف الخلل أثناء فترة حمل السيدة البريطانية البالغة من العمر 32 سنة، وفي الأسبوع 21 من الحمل تبين أن للطفل ستة قلوب منفصلة، حيث نصح الأطباء الوالدة بالإجهاض لأن فرص البقاء على الحياة شبه معدومة. لكن والدا الطفل رفضا إنهاء الحمل كما نقلت جريدة "البيان" الإماراتية.
وكانت الولادة صعبة حيث كاد الطفل ريلي أن يموت.







ريلي حضر حفل زفاف والديه
وخضع ريلي لأول عملية قلب بعد 8 ساعات من ولادته. وبعد خمسة ايام خضع لعملية ثانية. ولم تنته هذه الصعوبات عند هذا الحد. فعند بلوغه 4 اشهر، كاد ريلي يفقد حياته من جراء عملية التخدير التي خضعت لها السيدة البريطانية. وبعد قضاء خمسة أشهر في المستشفى، خرج ريلي الى منزله وحضر حفل زفاف والديه.





ريلي

ولم يحدث أن رأى الأطباء مثل هذا الوضع سابقاً، واعتبروه معجزة. ومع ان الطفل خضع لثلاث عمليات جرحية في فترة 12 شهراً، ويبقى أمامه المزيد من العمليات، فهو لايزال يناضل بقوة من أجل البقاء على قيد الحياة، ويرى الأطباء انه من الممكن أن يعيش الطفل حياة طبيعة.

حديث شريف‏: الكذب والخيانة‏..‏ أبرز علامات المنافقين ..

حديث شريف‏: الكذب والخيانة‏..‏ أبرز علامات المنافقين ..

عن أبي هريرة‏,‏ رضي الله عنه‏,‏ أن رسول الله‏,‏ صلي الله عليه وسلم‏,‏ قال‏:‏ آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب‏,‏ وإذا وعد أخلف‏,‏ وإذا ائتمن خان وزاد في رواية لمسلم وإن صام وصلي وزعم أنه مسلم متفق عليه‏.‏
في هذا الحديث النبوي الشريف يوضح الرسول, صلي الله عليه وسلم, بعض العلامات التي تدل علي نفاق صاحبها ليبتعد عنها المؤمن, وليكون بعيدا عنها, ويشرح الدكتور أحمد عمر هاشم عضو مجمع البحوث الإسلامية, الحديث وما يرشد اليه قائلا: ان النفاق هو إظهار الخير و إخفاء الشر, ومنه النفاق الأكبر الذي يظهرفيه الإنسان الإسلام أو الإيمان و يخفي و العياذ بالله الكفر, وأما النفاق الأصغر الذي يظهر في بعض أقوال الناس وبعض أعمالهم كأن يظهر الإنسان مثلا قولا يكون صوابا أو فعلا يكون حسنا, ولكنه يبطن خلاف ذلك, وهذا النوع الثاني وهو النفاق الأصغر هو الذي بين الرسول صلي الله عليه وسلم علاماته ليتحاشاها المؤمنون, العلامة الأولي إذا حدث كذب ومعروف أن الكذب يخالف فيه الإنسان الصدق و الحق و الواقع وقد نهي الإسلام عنه وحذر الرسول صلي الله عليه وسلم منه وقال: عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلي البر وإن البر يهدي إلي الجنة ولايزال الرجل يصدق و يتحري الصدق حتي يكتب عند الله صديقا, و إياكم و الكذب فإن الكذب يهدي إلي الفجور و إن الفجور يهدي إلي النار وما يزال الرجل يكذب و يتحري الكذب حتي يكتب عند الله كذابا رواه مسلم. فهو أول علامات النفاق, وللأسف الشديد قد استشري الكذب في زماننا هذا حتي جعله البعض قاعدة في تعاملاته مع الناس.
أما العلامة الثانية فذكرها في قوله صلي الله عليه وسلم وإذا وعد أخلف, وكلمة الوعد هنا وعدته أي وعدته بالخير وأما أوعدته فيكون في الشر فالمراد بالوعد المذكور وإذا وعد أخلف أي وعد بالخير, أما إذا كان وعيدا بالشر فالأفضل أن يخلفه وألا يحقق الشر, يقول ابن رجب رحمه الله: وهو علي نوعين أحدهما: أن يعد وفي نيته ألا يوفي وهذا شر الخلق لانه جمع بين الكذب وخلف الوعد, وهذا هو الذي يظهر فيه النفاق. الثاني: أن يعد وفي نيته أن يفي ثم يبدو له فيخلف من غير عذر له في الخلف, فالسمة الثانية من سمات النفاق, وإذا وعد أخلف, وأما السمة الثالثة فذكرها في قوله: و إذا أئتمن خان, أي إذا كان أمينا علي قول أو سر أو فعل أو وديعة فلا يكون أمينا بل يخون الأمانة, و الرسول( صلي الله عليه وسلم) بهذا يحذر من الخيانة بكل أشكالها; لأنها تؤدي بصاحبها إلي النفاق وقد أمر الله تعالي بأداء الأمانات إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها( آيه58 النساء), ويأمر الرسول( صلي الله عليه وسلم) الإنسان المؤمن أن يؤدي الأمانة إلي من ائتمنه فيقول( صلي الله عليه وسلم): أد الأمانة إلي من ائتمنك ولا تخن من خانك.
ويؤكد الدكتور أحمد عمر هاشم أن هذه الأمور تدل علي النفاق و تميز الإنسان الصادق من الآخر الكاذب المنافق, وفي هذا البيان ما يجعل المسلمين يتحاشون الوقوع في هذه الرذائل, وهي: الكذب في الحديث و الخلف في الوعد و خيانة الأمانة وقد حذر القرآن الكريم وذكر نماذج لمن قبلنا ممن تورطوا في ذلك فقال سبحانه و تعالي: ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن و لنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلي يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون(75-77 التوبة) وحذر من خيانة الأمانة وبين أنه عرضها علي السماوات و الأرض و الجبال: إنا عرضنا الأمانة علي السموات و الأرض و الجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا(72 الأحزاب) وإذا كانت علامات النفاق تتضح بهذه الأمور فإن علي الإنسان المؤمن أن يحافظ علي نفسه من الوقوع فيها, وورد في بعض الأحاديث: أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتي يدعها إذا أئتمن خان, وإذا حدث كذب, وإذا عاهد غدر, وإذا خاصم فجر.

إبتسامتك في وجه أخيك.. صدقة ...

إبتسامتك في وجه أخيك.. صدقة ...

بعيداً عن الكلام العلمي، وعدد العضلات التي تحركها حين تبتسم، والتي قال البعض إنّها ثلاث عشرة عضلة، بينما نستخدم سبعاً وأربعين عضلة إذا عبسنا، وبعيداً عن الفلسفة الخاصة بالابتسام، وقريباً من قول الرسول (ص): "الابتسامة في وجه أخيك صدقة"، فإنّ الإبتسامة تجمّل وجه صاحبها، ويُسَرُّ بها المستقبِلُ لها، تصيبنا بعدوى الابتسام. فما إن يبتسم أحد في وجهك حتى تجد نفسك ترد عليه بالابتسام.
وفي المقابل، ما أبشع العبوس، والذي إن أصابك بعدوى فإنّه يحولك إلى مكتئب من دون أن تعرف سبباً لكآبتك. وما إن نرى أحداً متجهماً أو عابساً حتى نتعوذ من الشياطين. فلا أحد منا يريد أن يلتقي إنساناً عابساً، لأنّه يصيبنا بالعدوى، بينما المبتسم يُشعرك بالتفاؤل.
ومن منا لا يعرف فضل وأهمية الابتسامة في قصص الحب، وكيف تكون هي الشرارة الثانية بعد شرارة النظرة؟ فلم تبدأ قصة حب في التاريخ إلا بابتسامة متبادلة. فهي التي تفتح الطريق إلى القلب، وإلى الصداقة، وجميع المعاملات بين الناس. فها هو شكسبير يقول: "إن تشق طريقاً بالابتسام خير من أن تشقه بالسيف". أما فولتير فيقول: "الابتسامة تذيب الجليد، وتنشر الارتياح، وتُبلسم الجراح، إنها مفتاح العلاقات الإنسانية الصافية".
ونحن ندرك أن هناك ابتسامة صفراء، وهي التي تصدر عن خبث، وأحياناً نفاق، حين يقول المسؤول نكتة تافهة، وتجد أحد الموظفين يُمطره بالابتسام والضحك والإعجاب. وندرك قول المتنبي في الابتسامة الخادعة حين قال: "إذا رأيت نيوب الليث بارزة فلا تظنن أنّ الليث يبتسمُ".
والمرأة التي لا تبتسم هي مصدر الهموم لمن حولها. والموظف الذي لا يبتسم يشكل عامل طرد للمراجعين. والمثل المجري يقول: "من تُجمله ابتسامته فهو صالح، ومن تُشوهه ابتسامته فهو سيئ".
- فكرة:
قلت لها: "أراك متبسمة على غير عادتك". فقالت: تذكرت الدول التي كنا نزورها ولا نعرف لغتها. كنا نعرف ابتسامتهم، وكأنّ الابتسامة لغة عالمية كالموسيقى. فلست في حاجة إلى قواميس لتفهم الابتسامة. وحين تستقبلك موظفة في مطار ما مبتسمة، فكأنّها تقول لك أهلاً وسهلاً، فترد عليها بابتسامة مثلها، فهي اللغة التي يتعلمها الإنسان من غير معلِّم، لأنّها حالة فطرية، يُتقنها الإنسان ويجود بها على مَن حوله صغيراً، ويبخل بها كبيراً بكل أسف. فكأنّها نوع من العطاء، فيخشى عليها من النفاد. وكثيراً ما كانت وسيلة للإعلان. فهل يحق لي أن أقول: ابتسم.. أنت تقرأ فكرتي؟".

الزِّينة والجمال في ثقافة القرآن .. ادخل ولن تندم ...

الزِّينة والجمال في ثقافة القرآن .. ادخل ولن تندم ...
ثقافة الزينة والجمال، ثقافة الإنسان الحضاري، الرفيع الذوق والمُرهف الحسّ.. وهذا الإنسان يتحسّس فيض الجمال، وجمال الحياة في مرابع القرآن جميعها.. والقرآن تحدّث عن الزينة والحُسن والجمال... بل وكان هو الصيغة الجمالية المُثلى في بنيته الأدبية، وإيقاعه الفني، وصياغته اللغوية.. فسحر جماله، وجمال بلاغته ملك النفوس والقلوب، وأذهل العقول، واستولى على الألباب.. ذلك لمن يعرف جمال اللّغة، ويتذوّق فنّ الإيقاع اللّغوي، ويتحسّس جمال التّناغم بين المعاني والألفاظ، وإيقاع الحروف وتناسب مخارجها... إلخ.
وإذا كان القرآن هو الصِّيغة الأخّاذة المُثلى في الجمال، فإنّه صادر من رب الجمال والجلال.. فالله الذي أوحى بهذا القرآن الجميل هو جميل يحبّ الجمال.. فقد ورد هذا الوصف على لسان النبي (ص): "إنّ الله جميلٌ يُجبُّ الجمال"، وما يحبّه الله من عالم الخلق والتكوين، يُبدعه على ما أحبّ وأراد.. ونحن نشهد مظاهر الجمال في عوالم الطبيعة.. وفي خلق الإنسان والطيور والحيوان، والأزهار والنبات.. وحفيف الرِّيح.. وتعانق أمواج البحر وهدوء اللّيل، وإطلالة القمر ومغيب الشمس، وكركرات الأطفال، وتغاريد الطيور..
فالعالم من حولنا لوحة فنّية رائعة الجمال والجلال.. فكلّ ما خلق الرحمن جميل..
كلّ ما في الكون والطبيعة وعالم الأحياء يوحي بهذه المعاني يُجسِّدها..
إنّ الجمال في الطبيعة وعوالم المخلوقات هو مصدر الإلهام للفنّان والشاعر والأديب، وكل منتج لموضوع الجمال.
إنّ الذي يتحسّس الجمال ويحبّ قيمه، ينفر من القُبح والقبيح، سواء ما كان في عالم المادّة والموضوع المادي.. أو ما كان في عالم القِيَم والموضوع القيمي.. إنّه ينفر من الشكل القبيح، ومن اللفظ القبيح، ومن الروائح والمناظر القبيحة.. ينفر من القذر والقذارة.. ينفر من الجريمة والحقد والكذب والعدوان.. ينفر من العبث والفوضى والابتذال.. فكلّ ذلك قبيح..
يتحدث القرآن عن الحُسن والزِّينة والجمال.. ويتحدث عن جمال الطبيعة والمخلوقات جميعها، فيعرض الخلائق لوحة جمالية تفيض بالبهجة والسرور.. ويخاطب بها الإنسان ليلفت نظره، ويُحرِّك حسّه الجمالي، ليرتقي إلى صورة الكون والطبيعة الجمالية..
نورد من هذه الآيات خطابه للإنسان، ودعوته إيّاه لأن يستمتع بطيِّبات الحياة وزينتها وجمالها.. ويحثّه على ذلك..
(يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ * قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (الأعراف/ 31-32).
وبهذه النصوص التشريعية والتثقيفية يردع القرآن أولئك المتقوِّلين على شريعته والمدّعين أنّ القرآن يمنع الناس من الزِّينة، والجمال وطيِّبات الحياة، ويُفنِّد تلك الإدِّعاءات.. بل ويؤكِّد الدعوة إلى الزينة والجمال والإستمتاع بطيِّبات الحياة من غير إسراف أو حرمان..
ويتحدث القرآن في موارد أخرى عن الزينة والجمال في عالم الطبيعة والأحياء، ويوردها دليلاً على عظمة الله، وجميل صنعه، وكمال قدرته.. وأنّ الإنسان سيُختَبَر في تعامله مع ما تحمل الأرض من زينة وجمال.. هل سيتعامل مع هذا العطاء الرباني الجميل بما هو خير وهدى وصلاح، أو بما هو شرّ وفساد وضلال.. لنقرأ النص المعبِّر عن هذه الثقافة والدعوة.
قال تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) (الكهف/ 7).
وكما يتحدّث عن الأرض وعاء الزينة ولوحة الجمال، يوجّه نظر الإنسان إلى جمال المخلوقات وحُسنها وإلى عوالم السماء وما فيها من زينة وجمال، ليقرأ الإنسان دلالات هذه اللّوحة، ويعرف عظمة البارئ الخالق المصوِّر.. ولتكون معالم الزينة والجمال، دليلاً على وجود الخالق العظيم وتربية للذّوق والسلوك.. قال تعالى: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنْسَانِ مِنْ طِينٍ) (السجدة/ 7).
(إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ) (الصافات/ 6).
وفي موضع آخر يُحسِّس القرآن الإنسان بمظاهر البهجة والجمال في ما تخرج الأرض من النبات، وتزهو به من أزهار وثمر وحقول ومناظر خلابة، يستحضر القرآن تلك الصورة بقوله: (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ) (النمل/ 60).
(وَتَرَى الأرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) (الحج/ 5).
وكما يتحدّث القرآن عن الجمال في الأرض والسماء والنبات، فإنّه يتحدث عن الجمال في الحيوان.. وأنّه من نِعَم الله على الإنسان.. يرسم صورة الزِّينة والجمال تلك بقوله: (وَالأنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ) (النحل/ 5-6).
(وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ) (النحل/ 8).
ومن جمال الطبيعة والنبات والحيوان إلى جمال الإنسان في خلقه وتكوينه.. إنّه يخاطب الإنسان بهذا الخلق الجميل، الذي أفاضه الخالق البارئ المصوِّر، ويدعوه للتأمّل في عظمة هذا الإبداع والحُسْن والجمال.. يدعوه لأن يتأمّل في حُسن الخلق الذي خلقه به خالقه.. وكم هو مفتون هذا الإنسان بالجمال البشري حين يتجسّد في صورته البشرية وفي شكله وصوته ومنطقه ومشيته وحركته، وابتسامته وتناسق قوامه... إلخ.
لنقرأ ما سجّله القرآن عن العناية الربانية في خلق هذا الإنسان، وحُسْن تكوينه وتركيب صورته الجميلة الحسناء..
(يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ) (الإنفطار/ 6-8).
(وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ) (غافر/ 64).
(لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (التين/ 4).
وكما تحدّث القرآن عن الجمال في موضوعاته المادية.. تحدث عن الجمال والقِيَم والموضوعات السلوكية.. إنّ الجمال كما يتجسّد في الشكل والصورة والصوت والمظاهر البشرية الأخرى، فإنّه يتجسّد في السلوك الإنساني أيضاً.. يتجسّد في القول والعمل. وفي الأخلاق والعواطف والمشاعر والتعامل مع الآخر..
إنّ القرآن يدعو إلى هذا الجمال، وتجسيده سلوكاً وأخلاقاً وتعاملاً.. فإنّه تعبير عن جمال الذات الباطني، وحُسن تركيبها النفسي.. يُروى عن النبي (ص) المَثَل الأعلى في معرفة الشريعة وتطبيقها والالتزام بقيمها، إنّه كان كثير العناية بمظهره ومنظره.. وكان إذا نظر في المرآة، قال: "اللّهمّ كما حسّنتَ خَلْقي فحسِّن خُلُقي".
قال اليعقوبي ناقلاً اهتمام الرسول (ص) بالزينة والجمال: "وكان (ص) إذا أراد الخروج من منزله إمتشط وسوّى جُمّته وأصلحَ شعره. وكان (ص) يقول: إنّه الله يُحبُّ من عبده أن يكون له حُسْن الهيأة...".
والقرآن يتحدث في موارد عديدة عن حُسن الخُلق، عن الجمال في الصبر، وفي العفو، وفي التعامل مع الزوجة المطلّقة. وفي هجر الآخرين إذا كانت هناك ضرورة للهجر. وإلى كل سلوك يصدر عن الإنسان..
لنقرأ ونستمع إلى القرآن وهو يدعونا إلى جمال السلوك فهو يدعو إلى الصبر الجميل حين تشتدّ المحنة على الإنسان وتضيق عليه مغاليق الأمور، ولا يجد غير الله ملجأً وعوناً للخروج من المحنة.. نقرأ ذلك في موقف النبي يعقوب (ع) في محنته مع تآمر أبنائه على أخيهم يوسف (ع):
(قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) (يوسف/ 18).
ويخاطب القرآن النبي العظيم محمّداً (ص) حين اشتدت به محنة الصراع مع خصوم الدعوة الإسلامية، يخاطبه بقوله:
(وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلا) (المزمل/ 10).
(فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلا) (المعارج/ 5).
وحين يقع الخلاف في الأُسرة التي جمعها الحب والتآلف العاطفي والوجداني، ودعت الضرورة إلى فكِّ الشراكة الزوجية وإيقاع الفرقة والطلاق.. يدعو القرآن إلى أن يكون الطلاق طلاقاً جميلاً يليق بمكانة المرأة المصونة وحرمتها.. نقرأ ما جاء من قول الله تعالى للنبي (ص) في سورة الأحزاب: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا) (الأحزاب/ 28).
ومثل هذا الخطاب يوجِّهه القرآن للمسلمين جميعاً.. جاء هذا الخطاب في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا) (الأحزاب/ 49).
ويُخاطب النبي (ص) ويدعوه إلى الصّفح عن الخصوم الذين يختلف معهم في العقيدة، ما زال الموقف يتطلّب الصفح.. قال تعالى: (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ وَإِنَّ السَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ) (الحجر/ 85).
والحُسْن هو أحد أوصاف الجمال.. والقرآن يريد الجمال في السلوك والأخلاق، في القول والعمل.. لذا يدعو إلى جمال الكلمة، حُسْن أدائها.. قال تعالى: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا) (البقرة/ 83).
(وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (العنكبوت/ 46).
(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت/ 34).
وهكذا يتحدّث القرآن عن الحُسن والزينة والجمال، ومظاهر الإبداع في هذا العام وبتوجيه الأنظار إليه، ليتذوّق الإنسان معاني الجمال، ويملأ قلبه بحبِّ الجمال وبروعة الجلال الإلهي، ويصنع سلوكه على ما صنعت عليه العوالم من صيغ الجمال.. فيصوغ فعله وقوله ونيّته صياغة الحُسْن والجمال.. ويبني البيت والشارع والمدينة والحديثة والمزرعة والمصنع وكلّ أثاثه وأدواته بناءً جمالياً يوحي بعظمة الله.. ويُجسِّد الزينة والجمال في لباسه ونظافته وأناقته ونظام حياته، ويتذكّر دائماً قول الرسول (ص): "إنّ الله جميلٌ يُحِبُّ الجَمال".. ومَن يُحبّ الجمال، يكره القُبْح والقبيح في كلِّ شيء.. فلا يصدر عنه إلا الحَسنُ الجميل.

نعم الله تغمرنا وفضله ينهمر علينا

نعم الله تغمرنا وفضله ينهمر علينا ..

كثرة نعم الله عزّ وجلّ، وسعة فضله، وعظيم امتنانه على عباده، وتتابع أياديه على الخليقة، وكبير جوده على الناس، وعموم فضله على الكائنات.
إنّ على كل عبد أن يلمح نعم الله عزّ وجلّ، وهي تغمره من بين يديه ومن خلفه، وعن يمينه وشماله، نِعم تفوق العد، ولا يأتي عليها الحصر، ولا يقيدها الحساب، نعم تتدافع وتتواصل، وتنهمر صباح مساء، وفي كل وقت وآن، نعم يهبها المنعم الجزيل دون حاجة لهذا المخلوق، ودون خوف منه، أو رجاء فيه، بل تفضل وكرم وبر وإحسان وجود وامتنان، (مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ) (الذاريات/ 57)، ونعم الله عزّ وجلّ يجدها العبد في كل شيء يراه ويلمسه، ويسمعه، ويحسه ويذوقه ويشمه، في لسانه وبيانه وجنانه وأركانه، في عينيه وأذنيه، ويديه ورجليه، في بصره وسمعه ونطقه وفكره وفؤاده، ومعرفته مواهبه، في قوته ومقدرته، وذكائه ونبوغه وإدراكه، في غذائه وكسائه، وشرابه ومركوبه وسكنه وفراشه، في أهله وولده وزوجته وأقاربه وأصحابه، في يقظته ونومه، ووقوفه وقعوده، ومشيه وذهابه وغيابه، وعمله وصناعته ومهنته ومزاولته لكل شيء.
نعم الله في الماء والهواء، والغذاء والضياء، في المال والجمال والعيال، والحشم والخدم، والأحفاد والذرية، عين بصيرة، وأذن سميعة، وعقل مفكر، وقلب واع، ويد باطشة، ورِجْل ماشية، ولسان ناطق، وصورة حسنة، وتركيب جميل، تناسق في البنية، صوَّركم فأحسن صوركم، رأس قائم، ويد ممتدة، وساعد قوي، وجفن يرمش، وعين تتحرك، وأنف قائم، وأسنان مرصوصة، وشفتان لينتان، وأصابع بديعة الصنع، ماء في العينين مالح لغسلها من الأوساخ، ولعاب في الفم سائغ لتسهيل المضغ، وسائل مخاطي في الأنف لحبس الأدران، وصمغ لين في الأذن لحجب الداخل إليها. سبحان الخالق ملأ بطنك بالطعام، ورئتك بالهواء، ورأسك بالمعرفة.
خلقك ورزقك، أحياك وأماتك، حباك وأعطاك، أمرضك وشفاك، أجاعك وأشبعك، أظمأك وسقاك، أضحكك وأبكاك، علمك ما لم تكن تعلم، وعرفك ما كنت تجهل، أقامك وأقعدك، أنامك وأيقظك، حسّن خلقك، هيأ رزقك، سهل طريقك، أجاب دعاك، لبى نداك، وأجاب مسألتك، قهر عدوك، أرسل لك رسولاً وعلمك كتاباً وهداك منهجاً، وبعد هذا تقول أين الله!!؟ بل أين أنت منه يا مسكين؟! أوجدك من العدم ثمّ شككت في وجوده!
وأعطاك بلا حق لك عنده ثمّ أنكرت حقوقه!
وحباك بلا معروف لك لديه ثمّ جحدت معروفه!
من مشاش رأسك إلى أخمص قدميك، قد غمرك إحسانه وجميله وعطاؤه ومعروفه وتفضله فهل شكرت؟ هل آمنت؟ وهل أطعت؟ وهل عبدت؟
(قُتِلَ الإنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ * مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) (عبس/ 17-18).
وقد بيّن سبحانه وتعالى أن ما بنا من نعمة فمنه وحده، قال جل في علاه: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا) (إبراهيم/ 34)، وذكر أنّه هو الخالق الرازق المحيي المميت.
فنعم الله تترى على العبد منذ كان نطفة في بطن أُمّه، ثمّ صور سمعه وبصره ونفخ فيه الروح، ثمّ غذاه وسقاه وكساه وآواه وكفاه، ومن كل ما سأل أعطاه. والله يقول للعبد: (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ * وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ * وَهَدَيْنَاهُ) (البلد/ 8-10). ويقول: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (فاطر/ 15)، فانظر نعمه سبحانه وتعالى كيف صورك فأحسن صورتك، ومنحك العقل، ورزقك الفهم، وحذرك من الردى، وأرسل لك الرسول، وأنزل عليك الكتاب، وجعل في قلبك واعظاً، فإن سألت أعطاك، وإن دعوت أجابك، وإن استغفرت غفر لك، وإن استعنت به أعانك، فكل نعمة في قديم أو حديث جلت أو دقت، كبرت أو صغرت، ظهرت أو خفيت فهي من الله وحده ليس إلا. فإنّ العبد قد يستغني عن كل الناس قريبهم وبعيدهم، كبيرهم وصغيرهم، غنيهم وفقيرهم، ملكهم ومملوكهم، لكنه لا يستغني عن ربه وخالقه طرفة عين.
والناس إذا فعلوا بالعبد خيراً فإنّما يفعلونه لمقابل، إما لثناء أو دعاء أو جلب منفعة أو دفع مضرة، لكنهم لا يفعلون بالعبد خيراً مهما قل بلا مقابل، فإنّ العبد شحيح مقتر محاسب شديد لحب الخير.
أمّا الله فإنّه يعطي عباده عطاءً لا يخشى معه الفقر، لا يرجو نفع الناس ولا يخاف ضرهم؛ بل يعطي فضلاً منه وكرماً وجوداً ولطفاً، يعطي البر والفاجر، والمؤمن والكافر، والمحب والمبغض، فغناه مطلق، وجوده محقق، وقوله مصدق، وفضله عظيم، وخيره عميم، وعطاؤه جسيم، وهو العلي الحكيم.
والعجيب أن شكره على نعمه تعالى نعمة أخرى تستوجب شكراً، لأنّه هو الموفق للشكر وحده، ثمّ إنه وعد بزيادة الشاكرين فقال سبحانه: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأزِيدَنَّكُمْ) (إبراهيم/ 7).
حتى قال بعض العلماء: إنّ الأحياء ما أدوا شكر نعمة الله، فكيف بالنعم التي هل ملء الأرض والسماء، فلو رزق العبد عمر نوح وكان له بكل شعرة لسان لما استطاع أن يحصي نعم الرحمن، ولذلك لما ذكر الله نعمه قرر الخليقة بها فقال: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) (الرحمن/ 13). لذلك قال بعض الحكماء لبعض الفقراء الذي شكوا البأساء: هل تريد في بصرك ألف ألف دينار؟ قال: لا. قال: هل تريد في سمعك ألف ألف دينار؟ قال: لا. فأخذ يعدد عليه أعضاءه ومواهب الله عليه، فلما انتهى قال له: فهل شكرت ربك على ذلك؟ فقال: لا. فقال: يا هذا عندك ديون محفوظة، وحقوق مثبتة، وأنت ما أديتها وتطلب الزيادة؟! وفي الحديث: "يد الله ملآى سحاء الليل والنهار. أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض؟ فإنّه لم يغض ما في يديه" ويقول سبحانه: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ...) (المائدة/ 64)، ولذلك لا يعرف النعمة إلا من فقدها، فنعمة العافية منسية عند الصحيح، مذكورة عند المريض، ونعمة البصر مغفلة لدى المبصر؛ جليلة عند الأعمى، وهل هو سهل أن تعيش معافى مشافى مرزوقاً مكفيّاً، تشرب الماء وتستنشق الهواء تسير على قدميك، وتنظر بعينك وتسمع بأذنيك.
وقد ذكر أن أحد قادة الجيوش غرقت سفينته في البحر فبقي تحت الماء ثلاثة عشر يوماً، فلما خرج سألوه عن تجربته في هذه الأيام، فقال: لقد أدركت أنّ الحياة خبز دافئ، وماء بارد، وكسوة للجسم، وقد قال بعض العارفين.
خبز وماء وظل **** ذاك النعيم الأجل
كفرت نعمة ربي **** إن قلت إني مقل
فلله الحمد أوّلاً وآخراً، باطناً وظاهراً، سراً وجهراً، ملء السماوات والأرض وملء ما شاء ربنا من شيء بعد.
المصدر: (كتاب العَظَمَة).
الکاتب : د. عائض القرني

قيمة الدقيقة من عمرك .. انظر واعتبر أخي المسلم .. بقلم د. عائض القرني


قيمة الدقيقة من عمرك .. انظر واعتبر أخي المسلم .. بقلم د. عائض القرني ...

وجدت أنّ الدقيقة من الزمن يمكن أن يُفعل فيها خيرٌ كثيرٌ، إما قراءة آيات، كل آية فيها عشرات الحروف، كل حرف بعشر حسنات، فتُصبحُ مئات الحسنات، ولو حسبت مئة: (سبحان الله وبحمده) لجاءت في دقيقة واحدة. ومن قال: (سبحان الله وبحمده) مئة مرة غُفرت ذنوبه، وإن كانت مثل زَبَد البحر.
وأمررت عيني على ما يقارب أربع صفحات من كتابه في دقيقة واحدة، وقرأتُ الفاتحة سبع مرات سرداً وسراً في دقيقة واحدة، وبعضهم حسب حسنات قراءة الفاتحة فإذا هي أكثر من ألف وأربعمئة حسنة، وتُقْرأ سورة الإخلاص عشرين مرة سرداً وسراً في دقيقة واحدة، ومن شك فليجرب.
قصدي إخبارك بقيمة الدقيقة الواحدة من عمرك، وأنّها تمثل حدثاً هائلاً في الذكر والتلاوة والدُّعاء والتدبُّر والمطالعة والكتابة.
دقيقة واحدة فقط يمكن أن تزيد في عمرك، في عطائك، في فكرك، في فهمك، في حفظك، في حسناتك.
دقيقة واحدة تُكتبُ في صحيفة أعمالك إذا عرفتَ كيف تستثمرها وتحافظ عليها، فانظر كم من دقيقة؛ بل من ساعة؛ بل من يوم؛ بل من شهر؛ بل من سنة ذهب منّا هدراً، وضاع منّا لغواً وعبثاً، وطار هباءً منثوراً؟! وليتَ من ضيّعها ينجو رأساً لا له ولا عليه؛ بل تجد خلاف ذلك من ذنوب وخطايا وسيئات، والله المستعان.
أقول: في الدقيقة تستطيع أن تقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، عشرين مرة، وأجرها كعتق ثماني رقاب في سبيل الله من ولد إسماعيل.
وكما سبق فإنّ قراءة: (قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ) (الإخلاص/ 1)، في الدقيقة عشرين مرة تُعادل كل القرآن سبع مرات، وذلك لأن (قُلْ هُوَ اللهُ أحَدٌ) تعادل ثلث القرآن. فكم بربك من فائدة ذهبت؟! ومن حسنة أُهدِرَت؟! ومن لحظةٍ سُلِبَت في القيل والقال والغيبة والنميمة، وتتبُّع أخبار الناس والغفلة عن الرحيل واللهو في كل باطل، والتسويف مع كل لاهٍ؟!
أما في عالم التأليف، فإنّك تستطيع أن تكتب في الدقيقة: أربعة أسطر من الذاكرة، ومن النقل السريع خمسة، أي ما يقارب ثلث الصفحة، أي أنك لو كتبت كل يوم خمسة أسطر لكتبت في الشهر عشر صفحات وفي السنة مئة وعشرين صفحة، وفي عشر سنوات ألفاً ومئتي صفحة، بقدر كتاب زاد المعاد لابن القيم، وأقل قليلاً من تفسير ابن كثير، ولو قرأتَ كل يوم في دقيقة واحدة عشرين مرّة: (قُل هوَ اللهُ أحدٌ) لقرأت في الشهر ستمئة مرة (قُل هوَ اللهُ أحدٌ) وفي السنة سبعة آلاف ومئتي مرة، وهي تعادل في الأجر قراءة القرآن ألفين وأربعمئة مرة.
وقد جربت حفظ بيت شعر فكررته عشرين مرة في دقيقة واحدة حتى حفظته، فلو حفظت كل يوم بيت حكمة من الشعر لحفظت في عشر سنوات ثلاثة آلاف وستمئة بيت شعر، تكون على طرف لسانك أُنساً في مجلسك، وحكمة في منطقك، وتهذيباً للغتك.
وتستطيع أن تصلي على النبي (ص) خمسين مرة في الدقيقة الواحدة بصيغة: (ص)، فيصلي عليك الله مقابلها خمسمئة مرة، لأنّ الصلاة الواحدة بعشر أمثالها.
ويستطيع من صلى ركعتين خفيفتين يقتصر فيهما على الواجبات فقط كقراءة الفاتحة، وثلاث تسبيحات في الركوع والسجود. أقول: يستطيع أن يصليهما فيما يقارب الدقيقة، فمن صلى كل يوم ركعتين ضحى نافلة صلى في السنة أكثر من سبعمئة ركعة، وكل فيها سجدتان، أي: يسجد في السنة في صلاة الضحى أكثر من ألفٍ وأربعمئة سجدة.
وفي الحديث الصحيح: "إنّك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك بها درجة، وحطّ عنك بها خطيئة".
في الدقيقة الواحدة تستطيع أن ترضي الرب، وتمحو الذنب، وأن تَكتبُ لك عند الله بها أجراً، وتمحو بها وزراً، وتجعلها لك عنده ذخراً، وتستطيع في الدقيقة مع الدقيقة أن تؤلِّف، وأن تكتب، وأن تحفظ، وأن تنمي موهبتك وأن تجوِّد ذاكرتك، وأن تزيد من علمك، وأن تحافظ على وردك وأن تعمِّق ثقافتك، وتوسِّع معارفك، وتنوِّع مواهبك، لكن الأمر يحتاج – يا أخي – إلى همّة، أعوذ بالله من موت الهمم، وبرود العزائم، وخسّة الطبع.
المصدر: كتاب حدائق ذات بهجة






السعادة ليست بالمال والجاه والحسب والنسب انما في الرضا بما قسمه الله ...


السعادة ليست بالمال والجاه والحسب والنسب انما في الرضا بما قسمه الله ... 
ماهي السعادة‏...‏وما حقيقتها‏..‏ وكيف نصل إليها؟‏!‏ وهل هي مقصورة علي الجانب الجسدي فقط ام تنسحب إلي المعنوي أيضا؟‏!‏ أسئلة عديدة توجهنا بها إلي علماء الدين كانت محصلة الاجابات ان السعادة تكمن في الرضا بما قسمه الله تعالي‏,‏ والرضا بقدره تعالي في السراء والضراء‏,‏ وتنقل الانسان بين مقامي الصبر والشكر‏..‏
أما عن تفاصيل الآراء ففي الأسطر التالية‏.‏
في البداية يقول الشيخ رضا حشاد إمام وخطيب بوزارة الاوقاف
السعادة في نظر الاسلام لاتقتصر علي الجانب الجسدي فقط وإن كانت الاسباب المادية من عناصر السعادة غير أن ذلك الجانب المادي ماهو إلا وسيلة وليس غاية لذا فالأصل في السعادة الجانب المعنوي قال صلي الله عليه وسلم من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح‏.‏
فالإسلام شرع من الاحكام ووضح الضوابط التي تكفل للإنسان سعادته في الدنيا والتي اعتبرها سبيلا يؤدي للحياة الحقيقية في الآخرة وهي التي يجب أن يسعي لها الانسان باعتبارها السعادة الدائمة كما قال تعالي للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين‏.‏
ولقد حدد الاسلام وظيفة الانسان في الأرض بأنه خليفة يسعي لاعمارها وتحقيق خير البشرية ومصالحها التي ارتبطت بالأرض‏.‏ إلا أن هذا الإعمار وتحصيل المصالح تكتنفه كثير من المصاعب ويتطلب بذل مجهود وتحمل المشاق في سبيل ذلك كما أن الحياة ليست مذللة سهلة دائما كما يريدها الانسان‏,‏ بل هي متقلبة من يسر إلي عسر ومن صحة إلي مرض ومن فقر إلي غني أو العكس‏,‏ فهذه الابتلاءات دائمة يتمرس عليها الانسان في معيشته فيحقق عن طريقها الصبر والعزيمة وقوة الارادة وحسن التوكل والجرأة في الحق والانفاق ولين الجانب وغير ذلك وهذه من أقوي أسباب الطمأنينة والسعادة قال تعالي ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الاموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون
ويقول صلوات الله عليهعجبا لأمر المؤمن فأمره كله خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن اصابته ضراء فصبر فكان خيرا له
ويلفت الشيخ رضا حشاد إلي أن تحقيق السعادة لايتم إلا من خلال عدة عناصر أولها التحلي بالاخلاق الفاضلة التي تدفع الانسان إلي الاحسان لخلق الله‏,‏
وثاني العناصر التي توصل بالانسان إلي السعادة الاكثار من ذكر الله والشعور بمعية الله دائما فهذا يجعل المرء في غاية السعادة لأنه يعلم أنه لا يصيبه إلا ما قدره الله له وثالثها الاهتمام بالصحة وتشمل الجوانب البدنية والنفسية والعقلية والروحية‏.‏
ورابع الأسباب يتمثل في تنظيم الوقت والذي يعيبره الاسلام رأس مال الانسان
ولذا فالمؤمن مسئول عن وقته فضلا عن أن الشريعة حثت علي ترتيب الوقت وحسن استغلاله والموازنة بين حاجاته المعيشية والحياتية والروحانية‏.‏
وخامس الأسباب هو الايمان والعمل الصالح والرأي والاصل في الايمان بالله يجعل الانسان هاديء القلب والنفس ولايكون مضطربا ولاقلقا ويكون راضيا بالله شاكرا في النعماء صابرا في الضراء قال تعالي‏:‏ والذين أمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وأولئك هم المهتدون‏.‏
ومن جانبه يري الدكتور أحمد كريمه أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر أن السعادة من جهة مفهومها الشرعيالسكينة ولذلك آمتن الله تعالي بها علي عباده المؤمنين قال تعاليهو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم فحينما يحدث التوازن النفسي تهون علي الانسان تبعات الحياة بغض النظر عن كثرة مال أو حصول جاه أو حسب أو نسب أو ما سوي ذلك من عوارض الدنيا‏,‏ فالنبي الكريم صلوات الله عليه حدد السعادة الحقيقية بقوله السديد وحكمه الرشيد في قوله من أصبح أمنا في سربه معافي في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها فالسعادة إذا في الأمن الداخلي والخارجي لقوله تعاليأطعمهم من جوع وآمنهم من خوف
كذلك الصحة والانتفاع المشروع بنعم الله عز وجل هذا المفهوم الصحيح للسعادة في الدنيا ويأتي الرضا بقدر الله عز وجل في السراء والضراء كما في تنقل الانسان من مقام الصبر والشكر ليجمع ما بين الايمان نصفان نصفه شكر ونصفه صبر ليعيش في حاله ولذلك قال تعالي عن هذا الصنف الفريد من عباده في الدنيا والآخرة رضي الله عنهم ورضوا عنه فجعل الله منتهي العطاء الالهي رضاه عن العبد ورضا العبد عن خالقه ويتم تحقيق السعادة بأمرين أحدهما وهبي من الله تعالي وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم
الثاني كسبيوالذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين وقوله تعالي قد أفلح من زكاها فبالمجاهدة والتزكية يصل الانسان إلي السعادة الحقيقية الدائمة‏.‏
ويرجع د‏.‏كريمه غياب السعادة بمفهومها الشرعي الوجداني إلي فقدان تزكية النفس وعدم فاعلية المجاهدة في جنب الله وتحول الاداء للشعائر إلي مظهرية وروتين وتدين شكلي‏.‏ ويري الشيخ فكري حسن عضو المجلس الأعلي للشئون الاسلامية أن السعادة ان يكون الانسان مستقرا في بيته وحالته مستقرة غير مدين لأحد بأي شيء فليست السعادة جمع مال ولكن التقي هو السعيد والنبي صلي الله عليه وسلم قال ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب وفي حديث آخر حينما سئل عن أفضل الناس قال‏:‏
صدوق اللسان مخموم القلب فقال أحد الصحابة كلنا يعرف معني صدوق اللسان فما مخموم القلب؟
فقال صلي الله عليه وسلم هو التقي النقي لاغل ولاحسد في قلبه ومن الخطأ ما يتعارف عليه البعض من أن السعادة في المال أو الجاه أو الوظيفة ولكن هذا المعني غير دقيق لأن السعادة للانسان تعود في المقام الأول إلي أن يشعر بالأمن والطمأنينة والاستقرار
ويضيف أن أهم ما يوصل الانسان إلي السعادة المعنوية طبقا لما جاء في الشريعة الاسلامية الرضا بما قسمه الله وأن يحب أخاه في الله وألا يكون المال أو الدنيا هي همه ولايقتصر الامر علي ذلك بل عليه أن يؤمن بذلك وأن يعمل وأن يرضي فالرضا عنصر أصيل في تكوين الاساس في مفهوم السعادة ولهذا فإن الانسان إذا استقر في حياته وإذا أحب للناس ما يحبه لنفسه وأدي ما كلف به فإنه سيجد ثمار هذا في أسرة مستقرة وحياة طابعها الهدوء والاستقرار والسعادة .

الحوار الاسلامي وانشراح النفس بالقرآن

الحوار الاسلامي وانشراح النفس بالقرآن ...

(قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي* وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي* وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي* يَفْقَهُوا قَوْلِي)(طه/25-28).
(أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ* وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ* الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ* وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ) (الشّرح/1-4).
(فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ)(الأنعام/125).
ویُثقِّف القرآن الکریم أتباعه علی أهمّ عنصر من عناصر النّجاح والتأثیر في التعامل مع الآخر والمشاکل والأزمات، وما یحتاج إلی صبر؛ مثل الحوار و إقناع الآخر بفکره ومشروعه و صدق دعوته..
إنّ القرآن الکریم یعرض عنصرین أساسین في هذا المجال، و یصطلح علیهما بـ(شرح الصّدر) و(ضیق الصّدر)، لیُعبِّر بهما عن الوضع النفسي للتعامل مع المشکلة وللمحاور، ولیُعبِّر بهما عن الوضع النّفسي للمتعامل مع المشکلة للمحاور، ویعتبر أهم عنصر من عناصر النّجاح هو سعة الأفق النّفسي الّذي یُعبِّر عنه بـ(شرح الصّدر) وتحمّل مشاقّ الحوار، والصّبر علی الطّرف الآخر بما یثیره من إشکالیّات وتُهم وعبارات مؤذیة، ومحاولات التضلیل والتفنّن في صرف أهداف الحوار عن مساراتها، بغیة إفشال الحوار، أو الخروج بانتصار حواري مزیّف؛ لذلك یخاطب القرآن نبیّه الکریم محمداً(ص) بقوله: (فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ) (طه/130).
إنّ من المحاورین مَن هو صاحب الحقّ، وبیده الأدلة الکافیة، والوثائق المُقنعة، ولکنّه سریعاً ما یضغط الطّرف الآخر علی أعصابه، ویستثیر غضبه، فیضیق صدره، ویتعامل بعصبیة وانفعال فیخسر الجولة.. بل و ربّما ضیّع فرص التّقارب و کسب الأصدقاء بسبب ضیق أفقه النّفسي، ومزاجه العصبیّ في الحوار، وردوده المثیرة للطّرف الآخر.. فینفضّ عنه الأصدقاء، ویکسب الجولة الخصوم والمنافسون، ولو صبر علی الحوار، وتجاوز محاولات الإثارة من الطّرف الآخر لکسب الجولة، و طوّق خصمه و منافسه، واستمال الرّأي العام إلی جانبه..



إحسان المرء الى أخيه المؤمن .. فوائده وايجابياته

إحسان المرء الى أخيه المؤمن .. فوائده وايجابياته ...

1- الإحسان إلى الأخ(*) في القرآن الكريم:
أ) السعي لإصلاح أيّ خلل يطرأ على العلاقة بين أخوين مسلمين، مؤمنين:
قال تعالى: (إنّما المُؤمِنُونَ إخوَةٌ فَأصلِحُوا بَينَ أخَوَيكُم) (الحجرات/ 10).
ب) إظهار المودّة والمحبّة للأخ في الله، والتصافي معه ما أمكن:
قال عزّوجل: (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِم مِن غِلٍّ إخوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتقابِلِين) (الحجر/ 47).
ت) العمل سويّة وبالتعاضد من أجل الدعوة إلى الله تعالى ونشر دينه وإعلاء كلمته:
قال سبحانه على لسان موسى (ع): (وَاجعَل لِي وَزِيراً مِن أهلِي * هارُون أخِي * اشدُدْ بِهِ أزرِي * وَأشرِكهُ فِي أمرِي * كَي نُسَبِّحَكَ كَثِيراً * ونَذكُرَكَ كَثِيراً) (طه/ 29-34).
ث) الدُّعاء لأخيك بالرَّحمة والمغفرة:
قال جلّ جلاله على لسان موسى (ع): (رَبِّ اغفِر لِي ولأخِي وأدخِلنا في رَحمَتِكَ) (الأعراف/ 151).
وقال عزّوجل: (رَبَّنا اغفِر لَنا ولإخوَانِنا الذينَ سَبَقُونَا بِالإيمان) (الحشر/ 10).
ج) اجتناب الكلام عنه بما يكره في ظهر الغيب، أي الإمتناع عن غيبته لأنّه طعن في الظهر:
قال تعالى: (أيُحِبُّ أحَدُكُم أن يَأكُلَ لَحمَ أخِيهِ مَيتاً فَكَرِهتُمُوهُ) (الحجرات/ 12).
ح) الإنعام على أخيكَ والتكرُّم عليه بما فضّل الله ووسّع عليك:
قال عزّوجل في احتضان يوسف (ع) لأخيه (بنيامين): (ولَمّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوَى إليهِ أخاهُ قالَ إنِّي أنَا أخُوكَ فَلا تَبتَئِسْ بِما كانُوا يَعمَلون) (يوسف/ 69).
2- الإحسان إلى الأخ في الأحاديث والروايات:
أ) حبّه والإخلاص له ورعاية شؤونه كلّها بإنصافه من نفسه:
قال رسول الله (ص): "ألا وإنّ المؤمنين إذا تحابّا في اللهِ عزّوجل، وتصافيا في الله، كانا كالجسدِ الواحد: إذا اشتكى أحدهُما من جسدهِ موضعاً، وجدَ الآخرُ ألم ذلك الموضع".
وقال الإمام الصادق (ع): "المؤمن أخو المؤمن: عينه ودليله، لا يخونه، ولا يظلمه، ولا يغشّه، ولا يعده عدّة فيخلفه".
ب) الإحتفاظ بخطِّ الحشمة بينك وبين أخيك، فلا يذهب الحياء بينكما:
قال الإمام الصادق (ع): "بقاءُ الحشمةِ بقاءُ المودّة".
وقال (ع) لابن النعمان يوصيه: "إن أردتَ أن يصفو لكَ ودُّ أخيكَ فلا تُمازحنّه، ولا تُمارينّه، ولا تُباهينّه، ولا تُشارنّه".
تُمازحنّه: تُلاطفه ملاطفة زائدة عن الحدِّ بحيث تُذهب هيبتكما.
تُمارينّه: تجادله لتكشف عن تفوّقك الفكريّ عليه.
تُباهينّه: أي تفتخر عليه بما عندك وليس عنده.
تُشارنّه: تُظهر قوّتك عليه.
والمُلاحظ على كلِّ هذه المنهيّات والمُزعجات والمُنغِّصات أنّها تُبرز حالة من التعالي والخروج عن حدود المعقول ممّا يثلم العلاقة الأخويّة الإيمانيّة ويُصدِّعها.
ت) التناصف والتراحم بينك وبين أخيك من لوازم الإحسان للأخوّة:
يقول الإمام الصادق (ع): "تحتاج الأخوّة فيما بينهم إلى ثلاثة أشياء، فإن استعملوها – أخذوا بها – وإلا تباينوا – تفرّقوا – وتباغضوا، وهي: (التناصف) و(التراحم) و(نفي الحسد)".
التناصف: إنصاف كلّ منكما أخيه من نفسه، أي تحبّ له ما تحبّ لنفسك، وتكره له ما تكره لها.
التراحم: أن يرحم كلّ منكما نقاط ضعف الآخر، وظروفه وإمكاناته.
نفي الحسد: استبداله بالغبطة، أي يتمنّى كلّ منكما ما عند الآخر، دون تمنِّي زواله أو العمل على إزالته بالبغي.
ث) العتاب بين الأخوة هو من الإحسان لبعضهما البعض:
قال الإمام علي (ع): "العِتابُ حياة المودّة"، لأنّه الحل الوسط بين السكوت على مضض، وبين القطيعة.
ج) الإعراب عن الحبِّ، والمكاشفة في مدى المودّة ودرجة الإحساس بالقُرب:
قال رسول الله (ص): "إذا أحبّ أحدكم صاحبه أو أخاه فليُعلِمه".
والإعلام يكون تارةً بكلمات المودّة الصادقة، وتارةً بالمواساة، وتارةً بالحرس والمحافظة على الأخوّة، وتارةً بالتهادي (تقديم الهدايا)، وتارةً بالإفصاح عن الإشتياق.. وما إلى ذلك.
ح) الحفاظ على حبل المودّة ممدوداً وجسرها عامراً في كلِّ الظروف والأحوال:
قال الإمام علي (ع): "لا يكوننّ أخوكَ أقوى على قطيعتكَ منك على صلته، ولا تكوننّ على الإساءة أقوى منكَ على الإحسان".
وقال (ع): "إنّ أخاك حقّاً مَن غفرَ زلّتكَ، وسدَّ خِلّتكَ، وقبلَ عذركَ، وسترَ عورَتكَ، ونفى وَجَلَكَ - خوفك وتوجّسك منه - ، وحقَّق أملَك".
خ) إكرام الأخ وإعظامه وإدخال السرور عليه وتعظيم حرمته، من أفضل الإحسان إليه:
قال رسول الله (ص): "مَن أكرمَ أخاهُ المُسلم بكلمةٍ يُلطفهُ بها، ومجلسٍ يُكرمهُ به، لم يزل في ظلِّ الله عزّوجل ممدوداً عليه بالرَّحمة ما كانَ في ذلك".
د) من الإحسان قضاء حوائج الإخوان، وتفقّدها قبل الطلب والسؤال من قبلهم:
قال الإمام الصادق (ع): "اللهُ في عَونِ المؤمنِ ما كان المؤمنُ في عونِ أخيه".
وقال (ع): "أيّما مؤمنٍ أوصلَ إلى أخيهِ المؤمن معروفاً فقد أوصلَ إلى رسول الله (ص)".
ومن الطبيعي أن يصل رسول الله (ص)، فقد وصل الله سبحانه وتعالى.
ذ) السؤال، والدُّعاء، والعيادة، من إحسان النبي (ص) لإخوانه، فما أجمل أن نتأسّى بإحسانه (ص):
قال (أنس) خادم رسول الله (ص): "كان رسول الله (ص) إذا فقدَ الرجل من إخوانهِ ثلاث أيّام (سأل عنه)، فإن كانَ غائباً (دعا له)، وإن كانَ شاهداً (زارَه)، وإن كانَ مريضاً (عاده)".
3- الإحسان إلى الأخ في الأدب:
قال (بشّار بن بُرد) في النظرة الموضوعية للإخوان:
إذا كنتَ في كلِّ الأمورِ مُعاتباً
صَديقَكَ لم تلقِ الذي لا تُعاتِبُه
فَعِشْ واحداً أوصِل أخاكَ فإنّهُ
مُقارِفُ ذنبٍ تارةً ومُجانِبُه
إذا كُنتَ لم تَشرَب مِراراً على القَذى
ظَمِئتَ وأيُّ النّاسِ تصفو مشارِبُه
ومَنْ ذا الذي تُرضى سَجاياهُ كلُّها
كَفى بِكَ نُبلاً أن تُعِدَّ معايبُه
وقال (خليل مطران):
أخاك فناصِرْ ما استطعتَ بقوّةٍ
وثوبَكَ من منسوجِ أهلِكَ فالبسِ
وقال آخر:
أخاكَ أخاكَ فهو أجلُّ ذُخرٍ
إذا نابتكَ نائبةُ الزمانِ
وإن رؤيت إساءتهُ فهبْها
لما فيها من الشِّيمِ الحِسانِ
4- برنامج الإحسان إلى الأخ:
يقول الإمام زين العابدين (ع) في حقِّ الأخ كما في (رسالة الحقوق):
"وأمّا أخيكَ:
1- فأنتَ تعلم أنّه يَدَكَ التي تبسطها، أي أنّه قوّة تُضاف إلى قوّتك.
2- وظهركَ الذي تلتجئ إليه، أي أنّه سندكَ في الشدائد والأزمات.
3- وعزّكَ الذي تعتمدُ عليه، فالمرء قليلٌ بنفسه كثيرٌ بأخيه.
4- وقوّتكَ التي تصولُ بها، أي يشدّ أزرك ويُعاضدك في المهمّات الصعبة.
5- فلا تتخذهُ سلاحاً على معصية، ولا عِدًّةً للظلم لخلق الله.
6- ولا تدع نصرته على نفسِك، أي أعنهُ على اجتناب الفواحش والسيِّئات والمحارم والمآثم.
7- ومعونته على عدوِّه، فعدوّ صديقكَ أو أخيكَ هو عدوّك.
8- والحؤول بينه وبين شياطينه، أي لا تُشجِّعه على عمل منكر، بل اعمل على أنّه إذا أراد أن يفعل ذلك أن تمنعه بشتّى الوسائل الممكنة.
9- وتأدية النصيحة إليه، فهي حقّه عليك، وقد قيل: "إمحض أخاك النصيحة: حسنةً أو قبيحة"، أي إستحسنها أم لم يستحسنها.
10- والإقبال عليه في الله، أي تقف في صفِّه عند كلِّ عملٍ يُقرِّبكما إلى الله تعالى، ويُحقِّق رضاه، (فإن إنقادَ لربِّه وأحسن الإجابةِ له، وإلا فليكن الله آثَر عندك وأكرَم عليك منه).
-----
(*)- المراد بالأخ الأخ في الله.. فإذا كان الأخ في النسب أخاً في الله مؤمناً صالحاً متديِّناً خلوقاً، فقد جمع حقّين بدلاً من حق واحد. والأخ إمّا أخ في الدين أو أخ في الإنسانية، بمعنى أنّنا كلّنا أبناء آدم والإنسان أخو الإنسان، والإحسان لكلٍّ بحسبه.

Share

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites